01 - 05 - 2025

ضوء | الشعب العربي كله ضد التطبيع

ضوء | الشعب العربي كله ضد التطبيع

نوجّه التحية الخالصة إلى كل الشعب الفلسطيني، إلى كل المسلمين والمسيحيين الشرفاء المرابطين في الأراضي المحتلة.

هم الأبطال الحقيقيون الذين يواجهون الموت، والقمع، والهوان، في كل لحظة على يد المحتل، ويتعرضون للضغوط اليومية المستمرة؛ لتهجيرهم من أرضهم؛ لكنهم صامدون؛ في القدس، وجنين، وغزّة، والخليل، في كل بقعة من أرض فلسطين هم الذين يقفون صفًّا واحدًا في وجه الصهيوني المحتل.

ويأتي من يدعّي أنّ الصهاينة الذين يتجولون بحُريّة بين أقطار الخليج العربي قادمون من أجل التجارة والرخاء والازدهار.

إنَّ كلَّ تاجر يقف مع هذا التطبيع القبيح هو تاجر سياسة؛ يتاجر بدماء الناس وأرواحهم، وكلنا يعرف هدف الماسونية العالمية، ودورها في الحروب باسم الاقتصاد والتجارة.

التجار في الخليج لهم تاريخ وطني طويل، وبصماتهم واضحة في الحركة الوطنية والمطلبية؛ إنَّهم من أسس الاقتصاد الخليجي، هم من بنى المدارس، هم من شيّد الشوارع، والحدائق، والمساجد، والمستشفيات، وتأتي الآن حفنة من الصهاينة والأمريكان الماسونيين؛ ليستقبلهم قلة من التجار المتسلقين، ويرقصون معهم على دماء وأشلاء شعبنا في فلسطين باسم التسامح والإنسانية!

نعم؛ إنَّ غالبية الشعب الخليجي والعربي من المسيحيين والمسلمين، يحترم جميع الثقافات والأعراق، ويمدون يدهم لليهودي، والبوذي، والهندوسي، ويتقبلون كل أعراق الأرض، وكل الجنسيات منذ مئات السنين، ونحن ضد الطائفية، والمذهبية، والتمييز بأيّ شكل من الأشكال؛ لكننا لا نقف أبدًا مع من اغتصب أرضنا، وشرَّد شعبنا، وقتل أطفالنا.

لن ننسى مئات الشهداء المصريين، والعراقيين، والسوريين، وآلاف الشهداء الفلسطينيين الذين سقطوا برصاص الصهاينة، ولن ننسى شهيد البحرين (مزاحم الشتر) رحمه الله، وغيره، ولن ننسى آلاف الأسرى في سجون المحتل.

ليس منا من يدعو إلى التعايش مع من اغتصب أرضنا العربية، وكان سببًا في تشريد غالبية الشعب الفلسطيني، والعراقي، والسوري، وتحويلهم إلى لاجئين، تتقاذفهم المطارات وأشرعة السفن؛ من أجل خلق كيان صهيوني خالص من جهة، ومن أجل محو أقطار عربية من على خارطة العالم، والعمل على تقسيمها وتفكيكها من جهة أخرى.

يا من استقبلتم هذه الوفود بالرقص، والاحتفال، والتهليل، هل يقبل أيّ منكم أن تُغتصب أرضُه، ويُطرد من بيته، ثم يطلب من صاحب الأرض الأصلية أن يُسلّم إلى المغتصب طواعيةً بيتَه، ويوافقه على اغتصاب أرضه؟

التاجر العربي الأصيل عليه أن يكون حاسمًا في موقفه تجاه الكيان الصهيوني، وأيّ علاقة تجارية - تحت أيّ عذر أو مسمىً - مرفوضة رفضًا تامًّا؛ ما داموا محتلين أرضًا عربية.

إنَّ هذا التطبيع الذي تُدفع إليه بعض الأنظمة سرًّا وعلانية، يريدونه أن يتحول ويتوسع من تطبيع رسمي إلى أهلي باسم التّجار، لكنّ هذا محال.

ويا من ترقص وتحتفل مع الصهاينة، لماذا لم تتذكَّر أنَّهم في فلسطين يعاملون المسيحيين والمسلمين معاملةً لا أخلاقية، وليس فيها ذرة من الإنسانية؟ لماذا لم تقولوا للوفود الصهيونية: طبقوا مبادئ المساواة واللا عنصرية في فلسطين أوّلًا يا أصحاب الدم الأزرق؟ ثمّ تعالوا إلينا.. اذهبوا وافتحوا الطرق أمام التجار الفلسطينيين الذين يعانون من الذلّ والحصار؛ لأن الصهاينة يحرقون مزارعهم، ومصانعهم، ويصادرون متاجرهم وأراضيهم؛ لبناء المستوطنات عليها.

إنَّ أغلب الدعم للكيان الصهيوني يأتي من صهاينة أمريكا، وكل يهودي موجود على أرض فلسطين هو صهيوني مشارك في الجريمة، وموافق على سرقة أرض غير أرضه، واحتلال بيت ليس بيته، وطرد أصحاب الأرض الأصليين.

والبعض يقول: إنَّ التجارة مع اليهود سترفع من جودة المنتجات، وستجلب الازدهار والرخاء، ونحن نقول: إنَّ هذه الوفود الصهيونية التجارية لا تضمُّ يهودًا عاديين؛ بل هم من المتشددين الصهاينة في أمريكا وأوروبا، ممن يعلقون نجمة داود على صدورهم، ويتفاخرون بقبعاتهم اليهوديّة، هم ممثلون للصهيونية العالمية، التي تمتد أطماعها من النيل إلى الفرات، وليس أرض فلسطين وحدها.

اليهود العاديُّون يعيشون بيننا - منذ زمن طويل - بأمان وسلام، والطوائف اليهودية تعيش بسلامٍ في الخليج، أمَّا اليهود الصهاينة فأهدافهم واضحة كالشمس، ومن يتغابَ عنها أو يزينها فهو مثيل لهم.

هل سيأتي الصهاينة ليستثمروا من أجل سواد أعيننا؟ أم من أجل مصلحتهم الخالصة؟ للتذكير فقط: إنّ الصهاينة يستغلون الدين اليهودي، واليهود من أجل أهدافهم السياسية الخبيثة، والصهاينة لم ينسوا بابل لحظة، وكثير من المخطوطات حول السبي البابلي موجودة لديهم؛ لذلك بدؤوا من العراق، وانتقموا من شعبه بعد آلاف الأعوام.

إنَّ كل ما يريدونه من أصغر دولة عربية إلى أكبرها، هو نهب ثرواتها، وتحويلها إلى سوق لبضائعهم، ومثلما فعلوا مع أفريقيا؛ حيث سيطروا على تجارة الألماس، وجعلوا أهل البلاد يعيشون في فقر مدقع، سيفعلون معكم.

هل اتفاقية (كامب ديفيد) جلبت النهضة والازدهار لمصر؟ في عهد (عبد الناصر) كان سعر الدولار جنيهين، وبدأ العدّ التنازلي للاقتصاد المصري منذ (السادات) حتى الآن؛ ليصل الدولار إلى حاله المزري.. أهذا هو الازدهار الذي تتوقعون وتريدون؟

كما أنَّ الصهاينة يعرفون تأثير المقاطعة لبضائع المستوطنات الصهيونية في أوروبا؛ لذلك يريدون خلق البديل لتلك الأسواق وتعويض تلك الخسائر.

إننا نقول بكل وضوح: إنَّ الشعب الخليجي الأصيل بأفراده، ومؤسساته الأهلية، يرفضون التطبيع، مهما تلبّس أيّ شكل من الأشكال، لكننا نحترم كافة الديانات والأعراق والشعوب، وبخاصَّة الطوائف المسيحية العربية، التي نكّن لها كل المحبة، ونتمنى لها الخير والسلام في ربوع الوطن العربي.

إنَّ من أهداف الماسونية العالمية ترويج الفساد، والشذوذ، والمخدرات بين الشباب، وإشغال الرأي العام عن القضية الأساسية (الاحتلال والتطبيع).

وتحية إلى كل الشعب العربي الواقف ضدَّ التطبيع مع المحتل الصهيوني.. من الشام لبغدان، ومن نجد إلى يمن.. إلى مصر فتطوان.
-----------------------
بقلم:
 د. أنيسة فخرو
* سفيرة السلام والنوايا الحسنة
المنظمة الأوروبية للتنمية والسلام


مقالات اخرى للكاتب

ضوء | الشعب العربي كله ضد التطبيع